عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /23-02-2008, 02:02 PM   #6

صمت الشوق
بنوتة متفانية
يآآرب توآآفيج ــك ..!)

 
    حالة الإتصال : صمت الشوق غير متصلة
    رقم العضوية : 43177
    تاريخ التسجيل : Oct 2007
    العمر : 30
    المشاركات : 2,709
    بمعدل : 0.45 (مشاركة/اليوم)
    النقاط : صمت الشوق is on a distinguished road
    التقييم : 49
    تقييم المستوى : 19
    الأسهم : 0 (أسهم/سهم)
    الجواهر : (جواهر/جوهرة)
    عدد الدعوات : 0
    زيارات ملفي : 18527

     SMS : ذبحنـي طبع اسلوبكـ ..احبـكـ واعشـق عيوبكـ ., اسيبكـ لا حشى ماأقوى ,.حياتـي كلهـا صوبكـ .~

    استعرضي : عرض البوم صور صمت الشوق عرض مواضيع صمت الشوق عرض ردود صمت الشوق
    تجديني هنا :
     MMS :

MMS

افتراضي

من الفصل الثاني: "الرؤية"

المستقبل هو شباب هذا الوطن. إنهم رافعو رايته وبناة اقتصاده وعماد مقوماته، وهم الذين سيواجهون تلك التحديات على أرض الواقع وسيتوصلون إلى المعادلة التي تضمن استمرار التنمية والبناء والاستقرار لهم ولأجيالهم من بعدهم. نجاح شبابنا ليس نجاحاً للإمارات فقط بل هو نجاح لشباب العرب في كل مكان. إنهم أول المستهدفين بأي رؤية اقتصادية وأي جهد تنموي لذا يجب أن تتضمن الرؤية إعداد الشباب ليس لتتبع خطوات الاقتصاد الجديد أو لمماشاته بل للأخذ بزمامه وقيادة مبادراته.

هذا يقتضي التغيير: التغيير في المناهج، التغيير في التدريب، التغيير في التفكير، التغيير في عمل الحكومة، التغيير في الأولويات. أقول باختصار إن معظم الأدوات المناسبة للاقتصاد الجديد أدوات جديدة يجب إحداث التغيير المناسب للتعامل معها وتحقيق النجاح.

وللنجاح في الأعمال والمشاريع مقومات معروفة، لكن لا شيء يعلو على التخصص في زمن التخصص، والمهنيّة في زمن المهنيّة، والتقنية في زمن التقنية. زمننا باختصار هو زمن الأفكار العظيمة القادرة على صناعة المشاريع العظيمة وليس زمن حشو العقول بالمعلومات. مائة مشروع ناجح يمكن أن توفّر فرص العمل لعشرات الآلاف وتصنع من المستقبل مكاناً أفضل لأبنائنا وبناتنا وكل الأجيال بعدهم.

يجب أن يتعلّم شبابنا وشاباتنا على مقاعد الدراسة كل المواد المعروفة، لكن يجب أيضاً أن يتقنوا خبرات العمل في الشركات والمشاريع كخطوة أوليّة في طريق تأسيس الشركات وإقامة المشاريع الناجحة، ويجب أن تُتاح لهم الفرصة للتفاعل مع الاقتصاد كخطوة أوليّة في طريق تطويره وإثرائه. يجب ألا نكتفي بتقديم أفضل المدارس والجامعات والكليّات لشبابنا وشاباتنا فقط بل أن نقدم لهم أفضل المؤسسات المتخصصة القادرة على تشجيع المبادرة والابتكار ومساعدتهم على تطوير مهاراتهم في حقول الأعمال والمشاريع، والإسهام في تحويل الأفكار المتميزة إلى مشاريع متميزة، وإعداد الهياكل الاستشارية والاستثمارية والإدارية والتسويقية لإنجاح هذه الأفكار.

المسؤوليات التي تقع على عاتق الشباب والشابات رجال وسيدات الأعمال في المستقبل كبيرة، لكن تقع على من هم في موقع المسؤولية مثلنا مسؤولية أكبر هي الأخذ بيد هؤلاء ودفعهم في الطريق الصحيح فمن دون التحفيز والتوجيه والرعاية والعناية والحب لا ينمو شجر ولا يزهر ورد ولا يفيض نبع ولا يصنع الشباب المستقبل الذي يليق بهم وبوطنهم وبأمّتهم.

إن نجاح الأمم بنجاح شبابها، وتحقيق النجاح مسؤولية الجميع لا الحكومات فقط. ستفي الدوائر والهيئات الحكومية بالتزاماتها وستقوم بواجباتها كاملة لكن للقطاع الخاص دوره المتميز في إنجاح هذه المهمة التي تفرد لأبناء وبنات الإمارات دوراً محورياً في عملية التنمية ومسيرة التقدم والتطور.

هذا هو طريقنا إلى المستقبل وهذا هو التوجه العام لرؤيتنا. صناعة التنمية عملية تراكمية، وصنع المستقبل مهمة لا تنتهي. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم،طيّب الله ثراه، مهّدا لنا طريق التنمية والعطاء والإبداع ويجب أن نتابع الطريق نفسه. التنمية امتحان كبير فيه نجاح وفيه سقوط. هذا ينطبق على جميع العاملين في حكومة دبي لكنه ينطبق عليّ أولاً. حققنا الكثير لكننا لا نزال في بداية الطريق فلنمسك بأيدي بعضنا بعضاً وننظر إلى المستقبل ونسر على درب الريادة الذي رسمته لنا قيادتنا.

من الفصل الثالث: "القيادة"

إن استقراء التاريخ يعطي الانطباع بأن القادة يأتون في أصناف مختلفة فالشائع بينهم أولئك الذين لعب الواقع دوراً مهماً في صنعهم ففرزتهم الأحداث العظام عن غيرهم وأبرزتهم وأعطاهم التاريخ المكانة التي نعرفها. النادر فيهم من يصنع الواقع فيوجد بحنكته وعقله ونهجه القيادي الأحداث التي يتكون منها الواقع وبالتالي التاريخ، والأكثر ندرة صنف من القادة المتميزين الذين لا يصنعون الواقع فقط بل جزءاً مهماً من وجهة المستقبل وأحداثه.

في التاريخين العربي والعالمي مئات من هؤلاء لكن إذا أردتُ حصر التاريخ بعمري فإن الشخصية التي أفكر بها دائماً هي شخصية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فعلاقتنا كانت علاقة الابن بأبيه بما تتضمنه من الحب وصدق المشاعر. كان، يرحمه الله، يجعلك تحبه من تقديره حق التقدير لمن يعمل وينجز، وكان صريحاً مع الناس وأراد الصراحة من الناس لذا عوّدني أن أكون صريحاً معه في كلامي بكل احترام.

قلت في فصل سابق إن الشيخ زايد علّمني قهر المستحيل، لكنّي أعود الآن لأقول إنه علّمني المعنى الحقيقي للحب. لا يستطيع من عرفه إلا أن يحبه لشفافيته وأصالته وصفاء عروبته وفطرته ونقاء سريرته وخصاله وصراحة مواقفه القيادية. إذا تكلم في السياسة فكلامه ليس مجاملة لهذا أو إرضاء لذاك بل لإرضاء الله عزّ وجلّ ثم لإرضاء ضميره. لا أعرفه إلا رجلاً واثقاً بربه ثم بوطنه وأمته ونفسه، رجلاً عند كلمته، إذا وعد وفى وإذا أستجير أجار. هذه هي صفات القائد المتميز، لكن هناك صفة أخرى تميز بها الشيخ زايد. يمكن أن نخاف القائد، ويمكن أن نحترمه، لكن أن يُنعم الله على قائد بحب شعبه له فهذه قمة ما يمكن أن يطمح القائد في الوصول إليه.

الشيخ زايد علّمنا أيضاً أن القيادة مواقف وممارسة يومية وليست كتباً ونظريات. إنها مفهوم إنساني واجتماعي خارج نطاق التنظير. إنها العزم والوثوق بالنفس وبعد النظر وصواب الرأي لكن ليس صواب الرأي العادي. عندما تطرح فكرة يوافق على صوابها جميع الناس، أو جلّهم، ثم يُكتب لها النجاح فأنت ركبت التيار وحققت شيئاً لا خلاف على نتيجته. التميز في رأيي هو أن تطرح فكرة تقول إنها فكرة صائبة ويقول الجميع عكس ذلك وتسبح عكس التيار وتحققها. هذه ليست رؤية عادية. إنه مثال على القائد الذي يسبق زمانه وينظر إلى الأفق البعيد فلا يرى سراب الأحلام بل واقع الرؤية الصحيحة في الطريق الصحيح الذي يقود الشعب في مسيرة التنمية إلى مستقبل أفضل.

ما هو مثالي على ذلك؟ كثيرون داخل الدولة وخارجها انتقدوا الشيخ زايد على حفر الآبار الجوفية في الصحراء واستغلال مياهها. كثيرون قالوا إن هذا العمل إهدار لثروة طبيعية لا تتجدد، وحذروا من أنه سيلحق أضراراً فادحة بالبيئة ويخلّ بالتوازن الطبيعي. لم ير أحد من هؤلاء ما في جوف الأرض ولم تكن لدى أي واحد منهم أدنى فكرة عن كميات المياه في المنطقة لكن هذا لم يمنعهم من متابعة انتقادهم. في النهاية بقيت المخاوف في رؤوس أصحابها ولم يحدث شيء مما توقعوه. من كان يسافر في الماضي بين أبو ظبي والعين ولا يحمل معه ماءه كان يموت من العطش. الشيخ زايد اكتشف مياهاً جوفية تسد حاجة المنطقة عشرات السنين، وحوّل الإمارة إلى أكبر واحة على وجه الأرض في أكثر صحارى العالم قسوة.

وما هو المثال الثاني؟ رجل آخر اختار إحدى أكثر صحارى العالم قسوة، ومنطقة من أكثر مناطق دبي عزلة وصب فيها مئات الملايين من الدولارات لبناء واحد من أكبر الموانىء في العالم، ومنطقة صناعية تعتبر الأكبر في الخليج وإحدى أكبر المناطق الصناعية في العالم. لم يبق أحد في الداخل أو الخارج إلا انتقد والدي على قراره لكنه أثبت في النهاية أنه الوحيد الذي كان يعرف ما يصنعه. نظر والدي إلى المستقبل ورأى في هذا المشروع فرصة نادرة فاغتنمها.

ما الذي أثبته أيضاً؟

أثبتَ أن القائد يجب أن يغتنم الفرصة الكبيرة عندما يراها، وإن لم تكن هذه الفرصة قائمة فعليه أن يكون مستعداً لصنعها.





 

  رد مع اقتباس